رحيل أختي الغالية - ذكرى ومواساة

data:post.title

 رحيل أختي الغالية - ذكرى ومواساة


بقلم: خميس بن علي الهنداسي 





بعض الغياب لا يُكتب له النسيان، وبعض الراحلين يتركون فينا فراغًا لا يملؤه شيء،  في مثل هذا اليوم، الثامن من يوليو عام ٢٠٢١، انطفأ نور من أنوار حياتنا، ورحلت أختي الكبرى، الأم الثانية، وسند القلب، ورفيقة الأيام الثقيلة والجميلة معًا.


رحلت من كانت لنا الحياة إذا ضاقت، والملاذ إذا اشتدت الأيام، والكتف الذي لا يخون الثقل، رحلت أختي بعد أن قدّمت للعالم مثالًا نادرًا للمرأة الصابرة، القوية، المليئة حبًا ورحمة.


واجهت الحياة مبكرًا بعد فقد زوجها، وتحملت مسؤولياتٍ جسام، لم تكن سهلة، لكنها لم تتراجع، بل وقفت شامخة في وجه الأيام، تربي أبناءها وبناتها على مكارم الأخلاق، وحسن السلوك، والصبر الجميل. لم تكن فقط أمًا، بل كانت قدوة حية في التضحية والثبات.


ولم تقف الأحزان عند حدّ فقد الزوج، فقد ذاقت لوعة فقد ابنتها، بين يديها، في لحظة صعبة لا تُنسى، احتضنتها حتى الرمق الأخير، وكأنها تواري قلبها معها في تلك اللحظة، ثم ابتُليت مرة أخرى بفقد حفيدها، لكنها كانت الجدة الصبورة، الحنونة، التي لا تُسمع منها إلا كلمات الرضا والتسليم.


كانت الحياة في بيتها تدور حولها، صوتها، دعاؤها، وحنانها، البيت كان ينبض بها، وكان دفء العائلة لا يكتمل إلا بوجودها.


ثم جاء فايروس كورونا، ذاك الوباء الذي فتك بالعالم، فطالها في وقت كانت قواها منهكة بالحزن والمرض، أصيبت به ورحلت بصمت مؤلم، في مشهد من أصعب ما مرّ علينا، خاصة على أمي المسكينة، التي رأت ابنتها الكبرى، فلذة كبدها، تغادر إلى الأبد.


رحلت أختي، لكنها لم ترحل من قلوبنا، بقي طيفها في كل ركن، وعبير كلماتها في أذهاننا، ونبض دعائها في ذاكرتنا، رحلت بقلب طاهر، مليء بالمحبة للجميع، لم تحمل في قلبها حقدًا، ولم تبخل على أحد بعاطفتها أو عطائها.


يا الله، ارحم من كانت لنا سندًا وأمانًا، واجعل قبرها روضة من رياض الجنة، وأسكِنها الفردوس الأعلى، واجزها عن صبرها خير الجزاء.


رحمكِ الله يا أختي الغالية وأسأل الله أن يجمعنا بك في مستقر رحمته، مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

Abrar Al-Rahbi
الكاتب :