الثقافة في عمان

data:post.title

 الثقافة في عُمان بين الأصالة والحداثة (١)


الكاتب: يعقوب بن سعيد الحوسني



تتسم سلطنة عُمان بتاريخ ثري وتراث عميق يمتد عبر العصور، فهي واحدة من الوجهات الثقافية الهامة في شبه الجزيرة العربية، وعلى مر العصور شهدت عمان تحولات ثقافية بارزة، جمعت فيها بين المحافظة على تراثها الغني والانفتاح على العالم الحديث، مما جعلها تتمتع بتنوّع ثقافي مميّز وتفرّد ملحوظ.


تمتلك عمان إرثًا ثقافيًا يعود لقرون عديدة، حيث تعكس آثارها التاريخ العظيم للمنطقة وتأثير الحضارات المختلفة التي مرت بها، ومن أبرز مظاهر هذا التراث العماني الغني هو العناية الفائقة بالتراث الثقافي والتاريخي، سواء من خلال الحفاظ على المباني الأثرية أو الحفاظ على العادات والتقاليد والفنون القديمة التي تعبّر عن هويّة الشعب العماني. فالعمانيون يعتزّون بتراثهم ويسعون جاهدين للمحافظة عليه ونقله إلى الأجيال القادمة كجزء لا يتجزأ من موروثهم الحضاري وهويتهم الوطنية.

مع ذلك، لم تظل عمان محصورة في إطار تقليدي فقط، بل شهدت تحوّلات بارزة نحو الانفتاح على العالم الحديث واعتماد التقنية والابتكار في مختلف المجالات، فقد قامت السلطنة بجهود كبيرة لتطوير قطاعاتها الاقتصادية والتعليمية والثقافية، مما أدى إلى تعزيز مكانتها على الساحة الدولية.



وفي هذا السياق، تبرز أهمّية المبادرات التي اتخذتها السلطنة لتعزيز هذا التوازن الثقافي بين الأصالة والحداثة، والتي سنتناول بعضها على مدار مقالات قادمة - إن شاء الله - حيث سنتناول في هذا المقال (٥) مبادرات، بينما سنسلط الضوء على المبادرات الأخرى في سلسلة المقالات القادمة بإذن الله...   


ففي مجال الحفاظ على التراث الثقافي، اتخذت سلطنة عمان خطوات فعّالة في هذا الصدد، من خلال تنظيم المهرجانات والفعاليات التي تعكس التراث العماني بمختلف جوانبه، بالإضافة إلى دعم المتاحف والمراكز الثقافية التي تعمل على جمع وحفظ وعرض التراث الوطني، إيمانًا منها بأهمية الحفاظ على التراث الثقافي ودوره في تماسك الهوية الوطنية وتعزيز الانتماء للمجتمع.


أما في مجال الاستدامة البيئية والثقافية، فتعتبر عمان من الدول الرائدة في مجال الاستدامة، حيث تضع الحكومة سياسات وبرامج للحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية والآثار، مع مراعاة الأثر الثقافي والتراثي في هذه السياسات، مما يساهم في الحفاظ على الطبيعة والتراث للأجيال القادمة.


و في مجال التعليم والابتكار، فتعتبر الاستثمارات في التعليم والبحث العلمي أحد أهم ركائز التنمية المستدامة، حيث تقوم سلطنة عمان بتطوير مناهجها التعليمية لتشمل المهارات الحديثة والتكنولوجيا مع ربطها بالثقافة العمانية، مما يساعد في تأهيل الشباب لمواجهة التحديات العالمية بثقة وكفاءة مع محافظتهم على هويتهم الثقافية العمانية وتأهيلهم ليكونوا سفراء لها.


و في مجال الترويج للتبادل الثقافي الدولي، ومن خلال المشاركة في المعارض الثقافية العالمية والفعاليات الدولية، تعمل عمان على تعزيز التفاهم الثقافي وتعزيز العلاقات الدولية، مما يسهم في نقل صورة إيجابية عن السلطنة وتعزيز مكانتها على الساحة الدولية.

كما وتسعى السلطنة لتعزيز الحوار الثقافي والتعاون الدولي، حيث تعتبر عمان مؤسسة للسلام والتفاهم الدولي، وتسعى دائمًا إلى تعزيز الحوار الثقافي بين الشعوب وتعزيز التعاون الدولي في مجالات الثقافة والفنون، وذلك من خلال تبادل الزيارات الثقافية، وتنظيم المؤتمرات والمعارض والندوات الدولية، وبناء جسور التواصل والتفاهم بين مختلف الثقافات والشعوب.


هذه بعض المبادرات والجهود المبذولة، والتي تظهر عمان كنموذج مُلهم للتحوّل الثقافي الذي يجمع بين الحفاظ على التراث والانفتاح على العالم الحديث، مما يعكس رؤية حكيمة وطموحة لبناء مستقبل مزدهر يجمع بين الأصالة والتطور. 


ولقاؤنا يتجدد الأسبوع القادم - إن شاء الله - مع مبادرات أخرى اتخذتها السلطنة لتعزيز هذا التوازن الثقافي بين الأصالة والحداثة.