فلسطين جرح الأمة النابض… وإيران في وجه العاصفة
بقلم: درويش بن سالم الكيومي
تُعد دولة فلسطين إحدى الدول التاريخية والجغرافية والاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط، وتقع في الجزء الجنوبي الشرقي من البحر الأبيض المتوسط، وعاصمتها القدس الشريف. ولها حدود جغرافية مع مصر، وسوريا، ولبنان، والأردن، وتشكل نقطة التقاء بين قارتي آسيا وإفريقيا. تبلغ مساحة دولة فلسطين ٢٧ ألف كيلومتر مربع، ومعترف بها من أغلبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. وللأسف، فإن الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية وقطاع غزة، تقع تحت الاحتلال الإسرائيلي منذ عام ١٩٤٨م. ومع قيام دولة إسرائيل، لم تكتفِ بهذا الجزء، بل وفي حرب عام ١٩٦٧م احتلت قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية. وقد أسفرت تلك الحرب عن هجرة ثانية للفلسطينيين تُقدّر بحوالي نصف مليون لاجئ.
منذ سبعة وسبعين عامًا وحتى اليوم، ظلّت دولة فلسطين ترزح تحت نيران الاحتلال والحروب، وأحداث مأساوية أخرى، بدءًا من الاحتلال البريطاني عام ١٩١٨م، وهو اليوم الذي اغتُصب فيه بيت المقدس. وقد حُرر القدس للمرة الأولى عام ٦٣٧ ميلاديًا في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، بعد حصار دام أربعة أشهر للمدينة التي كانت تحت حكم الإمبراطورية البيزنطية. وفي المرة الثانية، تم تحرير القدس في ٢ أكتوبر ١١٨٧م، بعد حصار دام عدة أسابيع، على يد القائد صلاح الدين الأيوبي، الذي أزال الصليب عن قبة الصخرة.
أسباب احتلال فلسطين:
ترجع أسباب احتلال فلسطين إلى عدة عوامل تاريخية وسياسية واقتصادية، تزامنت مع ظهور الحركة الصهيونية، التي سعت إلى إقامة وطن قومي لليهود، مع نهاية الحكم العثماني وبداية الاحتلال البريطاني. كما أن الأطماع في فلسطين تعود إلى موقعها الجغرافي المميز، حيث إنها مركز استراتيجي يربط بين أوروبا وآسيا وإفريقيا، وهي بوابة للسيطرة على العالم. ويزعم اليهود أنهم شعب الله المختار، وأنهم الأحق بفلسطين باعتبارها "أرض الآباء والأجداد"، حسب عقيدتهم.
الاحتلال وآثاره:
هكذا استمرت الأحداث المؤسفة على أرض فلسطين، ولم تُفلح كل المحاولات في حل الأزمة الفلسطينية حتى الآن.
وقد طفح الكيل من الذل والإهانة والاضطهاد والتعذيب والاعتقال الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني. فاندلع "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر ٢٠٢٣م، حيث اخترق مسلحون من حركة حماس مستوطنة "نتيف" القريبة من شمال غزة باستخدام المظلات، وانتقموا من بعض العائلات اليهودية.
جاء الرد الإسرائيلي قاسيًا على قطاع غزة، حيث دُمّرت البيوت السكنية والمنشآت، وصاحب ذلك إبادة جماعية وتهجير قسري في كل من: القدس الشرقية، الضفة الغربية، البريج، مستشفى الشفاء، المستشفى الإندونيسي، مدينة رفح، بيت حانون، بيت لاهيا، خان يونس، حي الشجاعية، حي التفاح، حي الزيتون، دير البلح، وغيرها من المدن والقرى الفلسطينية.كما دمر الاحتلال البنية التحتية، من طرق وخدمات مياه وكهرباء، وقطع الإمدادات عن أهل غزة، وتركهم في أسوأ حال من الجوع والعطش وبلا مأوى، في موقف ينفطر له القلب وتدمع له العين وينكسر له الفؤاد. لقد تأكد للعالم أجمع وحشية الاحتلال تجاه الشعب الفلسطيني الشريف من أرض كنعان، تلك الأرض التي سكنها العرب الأوائل، وأنشؤوا فيها مدنًا مثل أريحا، أسدود، عكا، غزة. وكانت أرض كنعان تمتد من نهر العاصي شمالًا إلى مدينة العريش في جمهورية مصر العربية جنوبًا.
إيران ودورها في المواجهة:
لم يكتفِ الاحتلال بتدمير غزة، بل امتد نفوذه إلى قصف الجمهورية الإسلامية الإيرانية بهدف زعزعة أمنها واستقرارها ونظامها. إيران، دولة ذات سيادة وقوة عسكرية متطورة، تمتلك منظومة من الأسلحة الدفاعية والقتالية، وجيشًا لا يُقهر.
وقد جاء الرد الإيراني قويًا، حيث لقّنت المعتدي درسًا لن ينساه التاريخ. ولا تزال إيران تُكبّد العدو خسائر متتالية في الممتلكات المدنية والعسكرية. اليوم، إيران لا تدافع عن نفسها فقط، بل تدافع عن الأمة العربية والإسلامية، وتقف شامخة بعزة وكرامة وشجاعة، غيورة على الإسلام وأهله ومقدساته.
الحذر من الحرب الإعلامية:
يحاول العدو بث حرب إعلامية موجهة، تارة نحو الشعب الإيراني، وتارة نحو الدول العربية والإسلامية، بهدف التحريض ضد القيادة الإيرانية. فالحذر كل الحذر من الوقوع في فخ الأكاذيب والخداع والمعلومات الزائفة، التي لا تمت للحقيقة بصلة، ولا بد أن نتذكر ما فعله الاحتلال الإسرائيلي على أرض فلسطين، مهبط الأنبياء، وموطن القدس الشريف، وأن نُذكّر أنفسنا دومًا بقول الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ" صدق الله العظيم.