الزواج بين قدسية المشروع وعبث الحداثة
الكاتب: جاسم بن خميس القطيطي
يا عم، جيتك لحد بيتك
ليد بنتك أنا أتقدم
على المِلَّة بشرع الله
ونصّ الدين أبى أتمم
هي مرادي، غلا فؤادي
طلبتك، قولها لي: تمّ
فقير الحال، فقير المال
غنيّ المبدأ، خالي الهمّ
أعفّ النفس، وأصلي الخمس
وأراعي ربي الأعظم
ومهما صار مع الأقدار
أبرضى بالذي مُقسم
كلنا يعرف حكاية "ناي" التي أبدع فيها الشاعر المغترب حميد البلوشي، وغناها الفنان صلاح الزدجالي.
أصبح الزواج واستقامته يحتاجان إلى الكثير من المعايير التي تبقيه شامخًا في ظل مواليد هذا الجيل المتلوث بحماقات التتويج، من صيحات الحداثة في كل فصولها. وما بين جيلٍ عارم، وبين قدسية الزواج، يدور الحوار: هل تحدث النجاة من ذلك الزواج، أم الهلاك؟
إنها حكاية المستقبل والارتباط المقدس، الذي يُعدّ التقديس الحقيقي لبناء شخصية كل من يُقبل على الزواج.
حتى سلوكيات الزواج تحتاج إلى الوقفة الصادقة والناصحة، واختيار العمر الناضج لذلك العريس، الذي يُفضّل أن يكون في بدايات الثلاثين، لأسباب تتعلق ببناء تخطيط سليم، يبدأ من تأسيس البيت، والذهاب إلى ذلك الزواج من دون تلك المعارك المالية، التي يُشيب الرأس من وقعها.
ونجد تفاوتًا وتهافتًا في بعض الزيجات التي تُعقد دون تخطيط، من حيث بقاء الزوج والزوجة في بيت العائلة، وهي الشرارة التي تسبق العاصفة، من عدم الانسجام، وحدوث المشاكل، وتدخّل الأطراف، وقد تصل إلى المحاكم والطلاق. من هنا، وجب التخطيط، ووضع خارطة طريق تضمن بقاء الزواج، وبداياته في معزل عن الخلافات التي تفقده بريقه.
ما يحدث هو أخطاء عشوائية، وسوء تخطيط لذلك الزواج. وهمسة لأهالي الأزواج: يجب معرفة كل التفاصيل الدقيقة، والاطلاع على المشاكل التي تحدث في جنبات المحاكم، حول أسباب الطلاق، والعمل على تفاديها.
لقد أصبحت قدسية الزواج حديثَ الولادة تحتاج إلى الكثير من التعاطي حولها، وزرع شتلات حصاد تضمن ديمومتها، لكي يكون الزواج أكثر نضارة واستقرارًا. وعلى غير المتوقع، قد يسقط ذلك الزواج والمستقبل والتقديس من أول مشكلة تؤدي إلى نهايته، ويكون الحكم المجتمعي على تلك الفتاة بلقب "مطلقة"، وهو وصف يصنف كعار في ظل مجتمع محافظ. وهنا، علينا الحذر من البدايات الصريحة لذلك المشروع، واعتباره حقيقة نبحث عن توثيقها. علينا بزيادة جرعات التثقيف والثقافة في عقول المقبلين على الزواج، وهذا ناتج عن الأسرة التي تلعب دورها القويم في الجانبين. وعندما تكون البيئة تمتد جذورها في الأعماق، تُثمر استقرارًا.
لكن مفاهيم الطقوس اليومية للزواج الحديث تعجّ بتلك المحدثات البالية، وتحت وطأة أسباب تافهة يحدث الانشقاق، ولا يجد من يحتضن تلك المشاكل، بحكم تلك الأجواء الضارة التي تتنفسها.
لا نفرح كثيرًا بحدوث أفراح الزواج، فغالبًا ما يتبعها انشقاق وأضرار تصل إلى المحاكم والطلاق.