علمتني الحياة
الكاتب : أحمد الحضرمي
إن ما أتعلمه من تجارب في تعاملاتي مع الآخرين بمختلف أعمارهم وعقلياتهم، ينمي فيّ الكثير من الخبرات فأعرف كيف أتعامل مع كل شخصية على طريقتها الخاصة، وكمبدأ تعامل يجب أن لانحيد عن الطريق المستقيم نعمل جاهدين بما يرضي ربنا أولاً ثم نحاول التعرف على تجارب الآخرين في كل مجالات الحياة الواسعة والإستفادة منها بشكل إيجابي، علمتني الحياة أن أبتعد عن ذي الوجهين والوشاة والمتغيرون على حسب المصالح والأهواء، نعرفهم جميعاً فهم كثيرون حولنا، إن حاولنا أن ننظر بعين الحقيقة إلى مثل هؤلاء فسنجدهم بكثرة سائلين الله أن يجنبنا شرورهم جميعاً، علمتني الحياة أن أقف على كل أمانة حملتها على عاتقي وقفة تفكر وتأمل وتدبر أجاهد لكي أصل بتلك الأمانات وأنا بريء من كل تقصير وظلم٬ قرأت كثيراً عن شخصيات جلست سنوات على كرسي المسؤولية حتى غادروه وهم لايعرفون شيئاً عن موظفيهم! علمتني الحياة بأن لا يجب عليّ أن أخلق من الإختلاف خِلاف، ووجهات نظر الآخرين يجب أن تُحترم بغض النظر عن ماتحتويه من آراء، علمتني الحياة بأنني سوف أمُر في كثير من المواقف التي تكون فيها معاملة البعض لي بشكل عكسي، فهناك من يتخذ معاملة التصعيد المباشر، وهناك من سيحاول التمسك بكل ذكرى طيبة ليستمر خيره وعطاءه إتباع لنهج تربى عليه، علمتني الحياة بأنه ليس هناك من معصوم عن الخطأ فكل ابن آدم خطاء، فلا يجب أن نعامل الجميع بدونيّة لمجرد أنهم أخطئوا في حقنا، علمتني الحياة بأنه يجب عليّ أن أُحب الجميع محبة الأخ لإخوته مصداقاً لقول الحبيب المصطفى: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" فأي إيمان وأي صلاة وأي عبادة تقيمها وقلبك يملأه الكرهه والحقد والحسد، علمتني الحياة بأنه مهما كان السوء الذي ينفثه البعض في وجوهنا فكل إناء بما فيه ينضح والله لا يحب الظالمين، علمتني الحياة أن أعامل الجميع باللطف والحسنى مهما كانت نواياهم، أضع القواعد القرآنية في التعامل مع الجميع نصب عينيّ لقوله تعالى: "أدفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم" صدق الله العظيم٬ علمتني الحياة أن المرء كلما زاد علمه إزداد تواضعا وتقبلاً للنقد واقترابا من الناس أما الجاهل الذي لا يتقبل رأي أو فكرة أو نصيحة أو نقد والذي لايرى إلا نفسه سيظل منغمساً في بحر جهله إلى أبد الآبدين، علمتني الحياة وكشفت لي الكثير من الحقائق على مدى الأربعون عام المنصرمة، أزاحت الغطاء عن الذي هرب في وقت كنت في أشد الحاجة إليه! ومن الذي أضاء لي الطريق حتى وجدت النور بين يديه، من يريدك ياصديقي سيجد ألف عذر ليكون بجانبك، ومن لا يريدك سيجد مليون عذر للإبتعاد عنك، سوف تتعلم الكثير فقط حاول أن تزرع الخير أينما حللت، في كل زمان ومكان فهناك من لاينسى بذور الخير التي بذرتها في يوم من الأيام، حاول أن تتيح لنفسك الفرص من أجل أن تتعلم من هذه الحياة فهي مدرسة الأذكياء، مع مرور الأيام وتقدمك في العمر ستجد نفسك لا تأبه بشيء، وستكتشف لاحقاً بأن نفسك فقط هي من تستحق العناية والإهتمام.