جفاء الأخوة

data:post.title

 جفاء الأخوة


بقلم: عواطف السعدية

 

إن زرتني زرتك وإن أعطيتني أعطيتك وإن أحسنت إليّ أحسنت إليك، فمن يقيسون عطاء الأخوة بقانون الأخذ والعطاء لن يحصدوا سوى جفاف المشاعر و تصحّر الأحاسيس و تباعد المسافات.


الأُخُوّة ليست علاقات صداقة تنهيها حين يغدر بك الصديق ويخون، هي دم يجري في عروقك، لذلك حتى لو تجاهلت وجوده في حياتك فستصرخ كريات الدم في عروقك لتشعرك بالحنين إليه.


روعة الأخوة أن تشعر أختك أو أخاك بقيمته في حياتك باشتياقك له، بأن أمره وهمومه ومشكلاته تعنيك، بأن دموعه تنحدر من عينيك قبل عينيه، أن تسنده قبل أن يسقط، أن تكون عكازه قبل أن يطلب منك ذلك. الأخوة ليست أسماء مرصوصة في بطاقة رسمية ولا أوراقًا مرسومة في شجرة العائلة ولا أرقامًا هاتفية مسجلة في هاتفك، أنتم أخوة، حملكم الرحم نفسه وأرضعتكم الأم نفسها وعشتم في البيت نفسه وأكلتم من الصحن نفسه وشربتم من الكأس نفسه واحتفظتم بالذكريات نفسها، لذلك لن تستطيع أن تمحو كل ذلك وحتى لو حاولت ستشعر في نهاية كل يوم بتأنيب الضمير، فالدم الذي يسري في عروقك، سيشعرك بالحنين لأُخوة يقاسمونك كريات دمك نفسها.


من الضروري أن تضع خطوطًا حمراء لزوجتك ( أو لزوجكِ) و لأبنائك و بناتك حين يكبروا ولا تسمح لهم بتجاوزها فيما يختص بإخوانك و أخواتك، فأغلب مشكلات القطيعة بين الإخوة تكمن في تدخل الزوجات أو الأزواج والأبناء والبنات وإيغار صدور الإخوة على بعضهم البعض، لذلك لا تسمح لهم أو لغيرهم أن يتدخلوا في تشكيل إطار علاقتك بإخوتك ويدفعوا بك نحو طريق القطيعة والبعد وإذا ما سمحت بذلك فسترى المشهد نفسه يتكرر بين أبنائك و القطيعة تدب بينهم وأنت تتحسر عليهم.


فإياك ثم إياك أن تفرّي بأخوتك من أجل أي شئ في هذه الدنيا فكل شيئ يمكن تعويضه، الزوج يأتي مكانه زوج آخر والأبناء يأتي غيرهم من الأبناء ولكن أخوتك إن ذهبوا فلن يأتي غيرهم وصدقت المرأة التي خيروها بين زوجها وولدها وأخيها أيهم تختار، فاختارت الأخ وقالت قولتها التي حفظها التاريخ ( الزوج موجود والابن مولود والأخ مفقود).


 فأي دين غير إسلامنا يهتم بقوة الروابط بين الأخوة ، فهنيئًا لكل واصل رحم.

Abrar Al-Rahbi
الكاتب :