هل تدق طبول الحرب الثالثة؟

data:post.title

 

هل تدق  طبول الحرب الثالثة؟



بقلم  دينا شرف الدين
جمهورية مصر العربية 



" إشارات واضحة و أخرى مبهمة ، توقعات و استعدادات و تربصات هنا و هناك ، تصريحات متعددة المعاني لقادة و ساسة الدول الغربية على رأسها أمريكا ، 

تكهنات و استنتاجات و ضخ أسلحة و وسلطات ، و ما زالت الصورة مشوشة باهتة يشوبها  الغموض ، لتترك العالم يترقب ما هو قادم على صفيح ساخن"


فما يحدث الآن بين روسيا و أوكرانيا جراء التعنت و الغطرسة و الذي حول أوكرانيا لساحة حرب ' و ما تبع ذلك من قتل للأبرياء و ترويع للناس و تشريد للكثيرين ،

ما هو إلا دليل قاطع على أن الإستماتة على السلطة و فرض السطوة قد تقتلع بطريق تحقيقها كل معاني الإنسانية و الرحمة لتجعل من الأبرياء وقوداً لنيران الغضب و الإنتقام . 


هل تسفر الأحداث التي يشهدها العالم الآن عن خريطة جديدة لموازين القوى العالمية؟


فهذا الجدل الدائر هنا وهناك، و هذه التوقعات والإستنتاجات والتنبؤات باحتمالية وقوع حرب عالمية ثالثة نسمع من على بعد دقات طبولها التى تقتحم آذاننا من آنٍ لآخر ولا نعلم هل هي أصوات حقيقية أم أنها أضغاث أحلام! 


ولكن السؤال الأهم هنا والأولى بالطرح قبل أن نستعرض المسببات والدوافع التي قد تؤدي بالعالم إلى حرب ثالثة 

(هل يحتمل العالم أوزار حرب جديدة؟) 

هل سيعيد التاريخ نفسه مرة أخرى قاهرًا كل التعهدات والتأكيدات والالتزام الذي ألزمت به الدول التى نالها من الدمار والخراب بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية نفسها بانقضاء عصر الحروب المباشرة التي تأذت منها البشرية أذى عظيم؟ 


فبالرغم من تخلي الدول الكبرى عن فكرة الاستعمار التى كانت مدعاة للتفاخر والتباهى فيما بينهم  والسعى للفوز باستعمار أكبر عدد من الدول من قِبل كل دولة لتتفوق على غيرها بما تمتلك من أراضى وخيرات الغير، إلا أن الهدف ما زال قائمًا متغلغلاً في النوايا والأنفس ! 


فقد استعاضت الدول الاستعمارية عن فكرة الاحتلال المباشر وراحت تبحث عن أشكال جديدة للتدخل والسيطرة عن بعد '


إذ تغيرت موازين القوى في العالم مرات ومرات على مدار التاريخ، فمثلاً كانت الإمبراطورية اليونانية تعتلي عرش القوة والنفوذ ولكن سرعان ماتهاوت وحلت محلها الإمبراطورية الرومانية، ثم كانت الدولتان العظيمتان في القدم هما إسبانيا والبرتغال، 

و بعد أن  دار الزمن دورته فلم تعد دولاً عظمى وآل اللقب لإنجلترا وفرنسا اللتين تربعتا على العرش زمنًا طويلاً احتلتا فيه نصف العالم واستنزفتا خيراته ! 


وبعد الحرب العالمية الثانية تغيرت الصورة وبدأ نجم دولتين عظمتين تتنافسا على قيادة الأرض وهما أمريكا والاتحاد السوفيتى، وما دار بينهما من حروب باردة انتهت بسقوط الاتحاد السوفيتى لتجد أمريكا نفسها متربعة بمفردها على عرش القوة بلا منازع ! وكان هذا الانفراد بالنفوذ مدعاة للتعجرف والتدخل السافر فى شؤون الغير والتحكم في مصائر الدول بمحرك ودافع أساسي هو المصلحة فحسب .


فما لا يتوقعه هؤلاء المتغطرسين أن التاريخ يعيد نفسه وأن الأيام دول، وها نحن نشاهد بأعيننا ما قرأناه وتعلمناه فى كتب التاريخ دون أن نعاصره ! 


هل يتوارى الضمير الإنسانى ويتنحى جانبًا ليترك البشر عرضة للدمار من جديد بعد هيروشيما وناجازاكى وبيرل هاربر وغيرها من تبعات الحروب التي أنهكت العالم؟ 

هل يحتمل العالم حربًا جديدة في ظل كل هذا التقدم والتطور في كل أشكال وأنواع الأسلحة وعلى رأسها السلاح النووي؟ 


هل ستكون منطقتنا العربية مسرحًا لحرب جديدة بين القوى الكبرى التي تصارع بعضها البعض على فرض النفوذ واستعراض العضلات على حساب دول لم تعد تحتمل فقد فاضت بما أصابها من ويلات التفكك والانهيار والحروب الأهلية والطائفية والتنظيمات الإرهابية التي تم تصديرها وتمويلها من تلك الدول الكبرى حسب المخطط المرسوم؟ 

هل سيدفع الوطن العربي مزيدًا من فواتير الدمار لصالح صراعات الدول التي لا يعنيها إلا استنفاد خيراته واللعب بمقدراته؟


 

بني أُمتى: 

ألم يكن في الاتحاد قوة؟ ألم تكن الوحدة  بين بلدان المنطقة خيرًا لنا جميعًا كي لا نتحول إلى أوراق كوتشينة تتناقلها أيادي اللاعبين من ذوي السطوة والنفوذ كيفما تشاء؟ 


نهاية؛ لعلنا نتدارك أخطاءنا ونعيد حساباتنا قبل أن تقرع الدول الكبرى طبول حروبها على أراضينا، ونحن من سنسدد فواتيرها .