معاملة في طي النسيان

data:post.title

 معاملة في طي النسيان 


الكاتب: جاسم بن خميس القطيطي






تبدو اختصارات المسافات في طريق ذلك المكان وعرًا وشاقًا، وتحت أسباب واهية من الخيال الذي لا ينمّ عن واقعية، تبدو المعاملة الإلكترونية ووضوح الشمس في إنهاء الإجراءات شيئًا لا وجود له على أرض الواقع.


البداية كانت في المكتب العقاري، الذي يفرش لك الأرض وردًا، ويقدم لك وصفة تفوق الخيال، ونهاية "سليمة" لتلك المعاملة لا تتعدى الأسبوع. لكن هيهات! تلك المعاملة أكملت الشهرين، مع فائق العناء، وتكرار الذهاب في مسافات طويلة إلى دائرة إسكان صحار، في صورة تبعث على الفوضى والإحباط، تحت أعذار لا توازي الترويج الذي يُقدَّم لتلك الإجراءات الإلكترونية، وكأنها جزء من خيال نادر التحقيق.


وأراقب مشهد المراجعين الذين قطعوا المسافات من شناص إلى صحار، وكذلك من الخابورة، تحت طقوس وروتين يومي متكرر، دون تحقيق أي إنجاز يُذكر لتلك المعاملة.


تارةً يكون العذر أن "المهندسة في إجازة"، وأستغرب: أليس هناك من يحلّ مكانها؟! أصبح ذلك المراجع يحتل المرتبة الأخيرة في مبنى شاهق، لا يحمل من التطوير الفكري شيئًا. وتارةً أخرى، "اليوم غير مخصص لمراجعي الخابورة وشناص!"، فتذهب تلك المسافات المقطوعة عرض الحائط.


هي مجرد معاملة لا يتعدى إنجازها ساعة أو ساعتين! ذلك الترهل الإداري أصاب المعاملات، ولم يعد هناك بصيص أمل للنجاة، إلا عبر المحسوبية والمعرفة.


معاملات لا تستحق أكثر من أسبوع، تستغرق شهرين، رغم كثرة المراجعات والتنقل. حتى الموظف الموجود في الاستقبال حفظ ملامح المراجع، ويدرك تفاصيل معاملته، لكنه لا يملك حيلة. أما المسؤول عن تلك المعاملات، فيسكن في برجٍ عالٍ لا يُمكن الوصول إليه، ومكتوب على جباه موظفي الاستقبال: "ممنوع الدخول". وهكذا تستمر الإجراءات حتى نُصاب باليأس، ولا جديد فيها من التغيير.


وأستغرب أكثر حين أواجه معاملة مثل تحديث الكروكي. تبدأ من المكتب العقاري، ثم إلى البريد، حيث تُدفع مبالغ، وتبقى بعد ذلك حبيس الانتظار قرابة الشهرين. يجب أن تذهب إلى صحار للسؤال عن المعاملة، وليس مرة أو مرتين، بل أربع مرات أو أكثر! أين هي الإجراءات الإلكترونية التي نتحدث عنها ليل نهار، وندّعي أننا نعمل بها؟!


في غياب المهندسة، تتوقف المعاملة، وتبقى رهينة الروتين. وهؤلاء الموظفون، مجرد "كومبارس" لا يدركون حقيقة ما يحدث. مجرد تحديث كروكي! لماذا لا تتولّى بلدية الخابورة هذا العمل بالتنسيق مع إسكان صحار؟

والأغرب من ذلك، حين تتم المعاينة ووضع العلامات، نجد أن من قام بها موظف من بلدية الخابورة!


السؤال: لماذا لا يتم توزيع المهندسين في البلديات مثل شناص والخابورة، لتوفير الجهد والمسافات على المراجعين؟!

لا أعلم إلى أين يريد الوصول هؤلاء المسؤولون في وزارة الإسكان؟! لماذا يظلّ المراجع يدور في حلقة مفرغة، دون شراكة حقيقية مع الإجراءات الإلكترونية التي كان يُفترض أن تُسهّل عليه المهمة؟!


نريد هدم المصطلحات القديمة: المحسوبية، والتأخير، والمماطلة.

ونريد أن يكون عنوان المرحلة: السرعة، الشفافية، والتكامل الإلكتروني الحقيقي.

Abrar Al-Rahbi
الكاتب :