وجهان .. وعملة واحدة

data:post.title

وجهان..وعملة واحدة


 تعقيب 

حين تتناثر الحروف على ورق الألم، تتجسد الحقيقة في أبشع صورها، ويعلو صوت الصمت في حضرة الجياع والمحرومين..

كم هو موجع أن تمطر السماء، فلا يجد بعضهم ما يقيهم البلل، ولا ما يسد رمق الجوع فيهم، بينما الآخرون يختبئون خلف نوافذ الرفاهية، يترقبون المطر على أنغام المدافئ وأكواب القهوة.


نعم..

هو ليل طويل، لكنه ليس ليلًا فحسب، بل قصة باردة تسردها وجوه شاحبة على أرصفة القهر، حيث لا شيء يملكونه سوى صبرٍ يوشّح أكتافهم، ورضىً يسكن أعينهم، رغم الجوع، رغم الحاجة، رغم التجاهل.


إنها المفارقة المؤلمة بين من يبيت شبعانًا يتقلب من التخمة، ومن ينام جائعًا يتقلب من الألم.

شتّان بين من يُلقي بفضلاته في القمامة، ومن ينقّب عنها بين أكوام النفايات بحثًا عن حياة.


فيا من تكدّسون المال في الجيوب، تذكّروا أن هناك من ينام على حجارة الوجع..

تذكّروا أن الصدقة لا تنقص مالاً، ولكنها تزيدكم إنسانية..

       

الليل والمطر.. وتاليهما السهر..

 بقلم: إبراهيم بن سعيد الرويضي


البرد يسكب قسوته على أجساد نحيلة.. يجلدها بسياط الألم.. يكاد ينهشها..

يغرس سكاكين العذاب في نحورها مع غياب الدفء الذي غادرها..

حين أسدل الليل ستاره، كشف عن قناعه الموحش، لتظهر من خلاله أنيابه المتوغلة في عمق السكينة، في رحلة بطيئة يغشاها السهر والجوع والفقر والقهر ..


على أرصفة الأمنيات يسكن أولئك المعذبون في الأرض المحبوبون في السماء .. المتدثرون بملابس ممزقة، بالية، مرقعة بالصبر.. مطرزة بالقناعة والرضى لكل ما تصل إليه أياديهم من طعام، فتجود بتلك اللقيمات على أفواههم الجافة من بعض فتات الخبز وبقايا الطعام المتناثرة على أرصفة الطريق وتحت اقدام المصابيح، أما ما في القمامة فهو الوجبة الرئيسية الدسمة من بقايا وفضلات أصحاب الكروش العفنة والأفواه النهمة المترعة حتى الثمالة مما فاق حاجتها..

هناك من يموت من الجوع والفقر والكمد والحاجة..

*وهناك من يموت من التخمة والشبع..

وبينهما علامة فارقة تدل على سطحية التفكير من أصحاب القلوب والضمائر الميتة التي تكدس المال في الجيب وتصرفه في الأهواء والشهوات.