كل ثلاثاء
حكاية أمل
الكاتب: أحمد بن علي القطيطي
لم يكن يتوقع أن تتحول حياته بين ليلة وضحاها إلى كابوس مُظلم، لكنه كان يدرك في أعماق روحه أن النور يأتي بعد الظلمة، حتى وإن طال الانتظار.
كان "سالم" رجلًا عصاميًا، قضى سنوات من عمره يعمل بإخلاص في إحدى الشركات، يسعى لتوفير حياة كريمة لعائلته الصغيرة. لكن الرياح لا تأتي دائمًا بما تشتهي السفن، فقد عصفت الأزمة المالية بالشركة، وأُلزم صاحبها باتخاذ قرارات صعبة، كان أحدها إنهاء خدمات بعض الموظفين، وكان سالم بينهم.
السقوط إلى المجهول
مع كُلِ بابٍ يُغلق أمامه، كان يشعر أن الحياة تتآمر عليه، وكأنها أغلقت عليه كل الطرق. بحث كثيرًا عن وظيفة جديدة، طرق أبواب الشركات وأرسل سيرته الذاتية مرارًا، لكن لم يكن هناك من يستجيب. بدايات الانهيار كانت عندما تم قطع الماء والكهرباء عن منزله المتواضع، بات يجلس في ظلام الليل يفكِّر في مصير أبنائه، تلاحقه أسئلة لا جواب لها: ماذا لو انتهى به الأمر إلى الشارع؟ كيف سيدبّر قوت يومه؟ في لحظات العجز والضعف، راودته أفكار سوداء، كاد أن يستسلم لها لولا صوته الداخلي الذي ذكّره بإيمانه، وبأن اليأس لا يجب أن يكون نهاية الرحلة.
الحلم الذي أضاء الدرب
في إحدى الليالي، وبينما كان مرهقًا من التفكير، غلبه النوم، وراوده حلم غريب؛ رأى نفسه يفوز بجائزة مالية ضخمة، الناس تهتف باسمه، الفرح يغمره. استيقظ مبتسمًا، لأول مرة منذ زمن، شعر أن شيئًا ما قد تغير داخله، وكأن الحلم لم يكن مجرد حلم، بل إشارة عليه أن يستمر، أن يحاول مجددًا. وفي اليوم التالي، قرر أن ينفض عنه غبار الاستسلام، بدأ يبحث بطريقة مختلفة، أجرى اتصالاته بجدية أكبر، سعى بذكاء وليس فقط بأمل. ومن حيث لم يكن يتوقع، جاءت فرصة جديدة، وظيفة في مجال مختلف عن عمله السابق، لكنها فتحت له باب الاستقرار من جديد.
الضوء في نهاية النفق
كان التحدي كبيرًا، لكن عزيمته كانت أقوى. تعلم مهارات جديدة، طوّر نفسه، أثبت جدارته، وفي غضون أشهر، عاد للحياة بكل قوتها، وجد السلام الذي افتقده، وعاد بيته ليضيء بالنور، ليس فقط كهربائيًا، بل بالنور الحقيقي الذي ينبع من الأمل والثبات.
"سالم" لم يكن مجرد رجل واجه المصاعب، بل كان رمزًا للنجاح بعد السقوط، دليلًا على أن في أحلك الظروف، هناك دومًا نورٌ ينتظر من يؤمن به.
الحياة لا تعطينا كل شيء بسهولة، لكنها تكافئ من يستحق، من يصبر، ومن لا يفقد الأمل.