من وحي الطوفان

data:post.title

 من وحي الطوفان(٨)


د. صالح بن خلفان بن محمد البراشدي



  المقدسات الإسلامية (٣ )

٢- المسجد الحرام 


وثاني المقدسات الظاهرة 

بمكة تلك الديار الطاهرة 


المسجد الحرام حين الناس 

تحجه وتلتقي الأنفاس 


فيه من الفضائل العظيمة

والبركات حوله العميمة


أعظم ذاك أن فيه الحرما

والكعبة الغراء نور في السما


والمسجد الحرام فيه حُرّما 

قتال أهل البغي سفاكي الدما 


لا تبدأوا المشرك بالقتال 

ودافعوا عن أهلكم والحال


والمصطفى وجّه أهل الدين 

وبيّن الفضل مع التعيين 


فقال شدوا الارتحال وانعموا

للمسجد الحرام حتى تغنموا 


تكتسبون الفضل والثوابا 

من ربنا ويقبل المتابا 


مائة ألف عند ربي الأجرا 

عن الصلاة فضلها في الأخرى


فاجتهدوا يا أمة الإيمان 

وأخلصوا النية للديان 


فهذه المكانة العظيمة 

للمسجد الحرام والغنيمة 


يعتبر المسجد الحرام من المقدسات الإسلامية، ويحتل مكانة كبيرة في نفوس المسلمين، فلماذا سمي المسجد الحرام بهذا الاسم؟ 

تذكر كتب السير بأن المسجد الحرام تعود تسميته إلى ذلك لأن الله تعالى حرم فيه مبادأة المشركين بالقتال فيه، قال سبحانه:{ وَٱقۡتُلُوهُمۡ حَیۡثُ ثَقِفۡتُمُوهُمۡ وَأَخۡرِجُوهُم مِّنۡ حَیۡثُ أَخۡرَجُوكُمۡۚ وَٱلۡفِتۡنَةُ أَشَدُّ مِنَ ٱلۡقَتۡلِۚ وَلَا تُقَـٰتِلُوهُمۡ عِندَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ حَتَّىٰ یُقَـٰتِلُوكُمۡ فِیهِۖ فَإِن قَـٰتَلُوكُمۡ فَٱقۡتُلُوهُمۡۗ كَذَ ٰ⁠لِكَ جَزَاۤءُ ٱلۡكَـٰفِرِینَ (١٩١) فَإِنِ ٱنتَهَوۡا۟ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ (١٩٢) وَقَـٰتِلُوهُمۡ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتۡنَةࣱ وَیَكُونَ ٱلدِّینُ لِلَّهِۖ فَإِنِ ٱنتَهَوۡا۟ فَلَا عُدۡوَ ٰ⁠نَ إِلَّا عَلَى ٱلظَّـٰلِمِینَ (١٩٣) }[سُورَةُ البَقَرَةِ: ١٩١-١٩٣]، وذلك منذ دخول النبي صلى الله عليه وسلم مكة فاتحا لها في شهر رمضان في العام الثامن من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا فتح عظيم مبارك على المسلمين خاصة وعلى الجميع عامة، فهو نصر وتمكين من الله تعالى لعباده المؤمنين، وفي المقابل هو بيان وترغيب للكافرين بالدخول في دين الله تعالى حيث يسر الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم هذا الفتح العزيز ودخول الناس في دينه أفواجا، قال سبحانه: بسم الله الرحمن الرحيم،  {  إِذَا جَاۤءَ نَصۡرُ ٱللَّهِ وَٱلۡفَتۡحُ (١) وَرَأَیۡتَ ٱلنَّاسَ یَدۡخُلُونَ فِی دِینِ ٱللَّهِ أَفۡوَاجࣰا (٢) فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَٱسۡتَغۡفِرۡهُۚ إِنَّهُۥ كَانَ تَوَّابَۢا (٣) }[سُورَةُ النَّصۡرِ: ١-٣].

كما أن قدسية المسجد الحرام اكتسبها من قدسية الكعبة المشرفة، قبلة المسلمين، فمكانته في الإسلام من مكانة الكعبة المشرفة أول بيت وضع للناس، قال سبحانه وتعالى:{ إِنَّ أَوَّلَ بَیۡتࣲ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِی بِبَكَّةَ مُبَارَكࣰا وَهُدࣰى لِّلۡعَـٰلَمِینَ (٩٦) فِیهِ ءَایَـٰتُۢ بَیِّنَـٰتࣱ مَّقَامُ إِبۡرَ ٰ⁠هِیمَۖ وَمَن دَخَلَهُۥ كَانَ ءَامِنࣰاۗ وَلِلَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلۡبَیۡتِ مَنِ ٱسۡتَطَاعَ إِلَیۡهِ سَبِیلࣰاۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِیٌّ عَنِ ٱلۡعَـٰلَمِینَ (٩٧) }.


ومن فضائل المسجد الحرام أنه من المساجد التي تُشد إليها الرحال، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي هذا>>، والظاهر أن شد الرحال إلى هذه المساجد فيه ترغيب عظيم لزيارتها وعمارتها بذكر الله تعالى والصلاة لما فيها من الثواب الجليل والبركات الإلهية والنفحات النورانية التي تزكي النفس الإنسانية وتبلغ بها مبلغ المتقين والصالحين والمفلحين  جعلنا الله وإياكم منهم برحمته سبحانه وتعالى. 

ومن فضائل المسجد الحرام أيضا أن الصلاة الواحدة فيه تعادل أجرا وثوابا مائة ألف صلاة في غيره عند الله تعالى، وذلك ترغيب للمؤمنين لزيارة المسجد الحرام والمحافظة على صلاة الجماعة فيه إخلاصا ورجاء لمرضاة الله تعالى وثوابه، لقوله – صلى الله عليه وسلم -: ((صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد الا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مئة صلاة في مسجدي هذا))، وفي رواية: ((الصلاة في المسجد الحرام بمئة ألف صلاة، والصلاة في المسجد الأقصى بخمسمائة صلاة، وصلاة في المسجد النبوي بألف صلاة))، فيتضح لنا من خلال هذه الرواية الثواب الجليل المصاعف للصلاة في المسجد الحرام، فالصلاة الواحدة تعادل مائة ألف صلاة في غيره من المساجد مع ضرورة الانتباه في أهمية إخلاص العبادة لله تعالى. 

 هذه بعض الومضات حول المسجد الحرام باعتباره أهم المقدسات الإسلامية. فاللهم أعنا على طاعتك، واتباع هدي نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، وتقبل منا واغفر لنا ولجميع المسلمين. 

آمين يا رب العالمين