أريام تخطوا إلى القمة
بقلم: ميمونة بنت علي الكلبانية
الإرادة:
هل سألت نفسك ذات يوم، ما السر وراء ارتقاء البعض إلى القمة؟ ما السبب الذي رفع البعض نحو مراكز مهمة في مؤسسة ما؟ وكيف يبقى بعض الناس في ذات الوظيفة وذات المؤسسة لأعوام عديدة، براتب متشابه تقريبًا؟
بالنسبة لي، الحياة هي ذاتها للجميع، لكن المختلف هو نمط التفكير وطبيعة الشخصية والمجتمع المحيط. فلا يمكن أن نقارن بين شخص يعيش في منطقة نائية تفتقر لفرص العمل وتعاني الفقر ونقص الماء وأحيانًا بلا كهرباء، بشخص آخر يسكن في منطقة تتوفر فيها كل الخدمات. لكن ما لا يمكن الجدال فيه، أن اللاعب الأساسي في حياتنا اليومية، العملية والنفسية، هو عامل الإرادة. هل سمعتم بها من قبل؟
صناعة أي شيء لا تتحقق في ليلة وضحاها، وصعود السلم يحتاج لجهد متتابع كي تصل إلى الطابق العلوي. كلما ازداد مشوارك لطوابق أعلى في عمارة شاهقة، ازداد الجهد المبذول.
الخطوة:
بين الفشل والنجاح خطوة واحدة، الأولى سهل الوصول إليها بمجرد وقوفك على نمط واحد، خائفًا من تجربة أي شيء جديد أو تطوير نفسك. أما الثانية، فمكون ارتقائها هو الإرادة، فبخطوك خطوة للأمام من أجل تطوير نفسك أو زيادة مهاراتك في مجال معين أو خوض تجربة جديدة مختلفة، فأنت بالفعل تريد ذلك، وستصل لما تريد.
هذا هو معيار الصعود، ولا صعود وارتقاء لمن يقف بذات الخطوات وبنفس إعدادات حياته اليومية الروتينية.
أريام وإنجازاتها المتألقة:
أريام الهنائية، حالة فريدة على صعيد التكامل الإنساني والمجتمعي، أحلامها تتميز عن نظيراتها من الفتيات، ورؤيتها تتفوق من حيث القيمة والمضمون. بصماتها تبقى راسخة في تجارب لا تطالها حتى مغامرات الذكور. وبمجرد النظر إلى منجزات هذه الفتاة، تشعر أنك تقف أمام حقيقة مبهرة وواقعية لا تبخل على الجميع في شتى الأفكار والموضوعات، التي أقل ما يمكن أن يُقال عنها بأنها جريئة. فإذا بقي الإنسان في مكانه، ولم يبحث عن التطور، فسيدوسه قطار الوقت سريعًا ولا يجد أحدًا يطلبه. وبهذه المقولة تؤمن أريام، وتؤمِّن لنفسها متسعًا من الثقة والأمل لمواصلة نهج التفوق الذي ارتضته وآمنت به منذ لحظات الدراسة الجامعية الأولى.
بعد تخرج أريام بمعدل ممتاز من جامعة التقنية والعلوم التطبيقية بعبري، جلست مع نفسها بعض الوقت وقررت أن تفتح مشروعها الخاص، الذي يتضمن جميع مجالات اهتماماتها ومجال تخصصها. ومن هنا جاءت فكرة منصة أفق للاستشارات، التي قامت بإنشائها. ومع مرور الوقت، حصلت الطالبة الشغوفة على ترخيص كمدربة معتمدة من وزارة التربية والتعليم العالي. استهدفت هذه المنصة فئات مختلفة من طلبة الجامعات والكليات، وقدمت دروسًا خصوصية في مقررات المحاسبة، واستشارات في البحوث ومشاريع التخرج، بالإضافة إلى إعداد العروض الاحترافية.
كما استهدفت الشركات الطلابية والشركات الناشئة، وقدمت لها استشارات احترافية حول كيفية إدارة المشروع، وبدايته من الألف إلى الياء، وكذلك إعداد التقارير الشهرية ودراسات الجدوى. وقدمت أيضًا دورات تدريبية للباحثين عن عمل، بإصدار شهادات معتمدة تعزز فرصهم في سوق العمل.
في النهج الذي تجسده أريام، تتطرق دائمًا إلى موضوعات تهمها شخصيًا، فهي لا تنظر إلى الموضوع من حيث حدته وجرأته، بقدر ما تؤمن بتوفير خدمة هادفة تهم الشباب والمجتمع عمومًا، موضحة أنها تضع نصب عينيها في أي أمر تقدمه أن تساعد كل الشباب.
ها قد أكملت أريام ثمانية أشهر في هذا المجال، ولله الحمد والمنّة، فقد حققت في الأربعة الأشهر الأولى نجاحات كبيرة في كل الخدمات، حيث قدمت ما يقارب عشر استشارات فردية، وأربع استشارات لشركات، وثلاث استشارات لشركات طلابية، بالإضافة إلى مشروع تخرج. كما شاركت مرتين على مستوى دول الخليج في مجال البحوث العلمية. وقدمت ما يقارب ثلاثين درسًا خصوصيًا لطلاب المحاسبة، بالإضافة إلى دورة تدريبية شارك فيها الكثير من الطلبة وغيرهم، ولا زالت مستمرة في إنجازاتها التي لا تعد ولا تُحصى، بالمثابرة والتميّز الذي بدأته منذ المرة الأولى. استمرت أريام في تطوير نفسها وشخصيتها لتكون شخصية مستقلة، متحمسة للمستقبل، ومجهزة ومصقولة بعدد واسع من المهارات التي تمكّنها من دخول سوق العمل بكفاءة.
لقد تم اختيار أريام الهنائية:
كمساعد باحث في الجامعة.
كمديرة مالية لشركة طلابية، وتأهلت على مستوى السلطنة ضمن ٤٠ شركة متأهلة.
كما حصلت على تمويل داخلي لمشروع التخرج.
أيضًا: شاركت أريام بمشروعها في المؤتمر الدولي الثاني لتطوير المستقبل المستدام (ICASF 2024)، تحت رعاية معالي الشيخ نهيان مبارك آل نهيان. ونظرًا لظروفها الخاصة، لم تتمكن من الحضور شخصيًا، لكن كان الشرف أن يمثّلها مشرفها العزيز ويقدّم المشروع نيابة عنها. نحن فخورون بكِ لكونكِ جزءًا من هذا الحدث المهم الذي سلّط الضوء على الابتكار والتحول الرقمي من أجل مستقبل مستدام.
الطالبة العمانية الشابة أريام الهنائية، لا تشعر بالحرج أو الضيق أو التردد في الوصول إلى مختلف الأماكن والمواقع التي تؤمّن لأفكارها نجاحًا مضمونًا، بما تحتضنه من قضايا تهم الجميع.
وفي الختام:
عبر نفحات النسيم، وأريج الأزاهير، وخيوط الأصيل، أرسل شكرًا من الأعماق لعائلة أريام، والأصدقاء، ولكل شخص كان معها في مسيرتها. شكرًا لكم من أعماق القلب على عطائكم الدائم.