كرامة الإنسان ليست على طاولة المزاج

data:post.title

كرامة الإنسان ليست على طاولة المزاج


بقلم: بدرية بنت حمد السيابية 





قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً } [الإسراء: ٧٠]. خلق الله الإنسان في أحسن صورة وكرّمه سبحانه وتعالى عن سائر مخلوقاته بمزايا عديدة.


بعضهم قد يصادفه موقف محزن؛ كشخصٍ مثلًا يذهب لمراجعة موضوع ما في إحدى الجهات الحكومية أو المؤسسات الخدمية، فيتفاجأ بردودٍ قاسية من موظف متربّع على كرسيه، يلقي بأوامره وكلماته الحادّة على ذلك الشخص البسيط الواقف أمامه، يستمع لأصداء صوته الداخلي، متشلل اللسان، لا يستطيع الردّ على ذلك المتسلّط الجبروت. يخرج والغصّة في قلبه تكاد تحرقه وتقضي عليه في غمضة عين. اتقوا الله في هؤلاء البسطاء. طيّبوا خواطرهم ولو بكلمة طيبة، حتى وإن لم تتمكنوا من قضاء حوائجهم، فبادروا بما يُغيّر مجرى نفسياتهم، وازرعوا فيهم ثمرة التفاؤل.


ولكن، للأسف، ما نشاهده من بعض الموظفين، خصوصًا أولئك الذين أصابهم العُجْب والغرور، لا يُبشّر بالخير. حتى الوافد لم يسلم من ألسنتهم الجارحة. في بعض المواقف، عندما يلقي وافدٌ السلام على الحاضرين، يأخذهم الظن السيئ بأنه محتاج ويجب أن يُعطى مبلغًا أو طعامًا. فما بالكم أيها المسيئون بالظن؟ ديننا الحنيف حثّنا على إلقاء التحية، وعلى حسن الظن، وحُسن التعامل.


ومن ناحية أخرى، ما يعانيه البعض في شهر رمضان، شهر الرحمة والمغفرة والكرم، يجعلنا نقف للتأمل. في هذا الشهر، تكثر الخيرات، ويشكر العبد ربّه على النعم. ولعلك، عزيزي القارئ، سمعت عن الفرق الخيرية والهيئات التي تقوم مشكورة بتوزيع ما يسمى بـ "الكوبونات" أو المؤونة الغذائية. ولكن المؤسف أن بعضهم، عند تسليم الكوبون للأسر المحتاجة أو لأشخاص ضاقت بهم الحال، يسألهم:"هل حصلت على كوبون من جهة أخرى؟"

وإذا كانت الإجابة نعم، تغيرت لهجته وتعابير وجهه وسلوكه! هل هذا تهديد؟ أم كسر خاطر؟ نعم، أنت تقوم بواجبك، ولكن من وجهة نظري: أنت تُحرج هذا الشخص! ولنفترض أنه حصل على كوبون من جهة أخرى، أو أعطاه فاعل خير ما رزقه الله، هل تحاسبه على ذلك؟ كان بإمكانك أن تسأل بطريقة ألطف، تُراعي مشاعر المحتاج، وتُحافظ على كرامته. أنت في مكانك هذا لتساعد، لا لتحاسب. فالله سبحانه هو المحاسب.


انتقوا كلماتٍ تُسعد النفوس، فوالله لا أحد يلوم من يحتاج. ومن أصبحت الحياة تتطلب منّا المساندة والعون، في ظل الظروف الصعبة التي يمرّ بها الكثير.


حتى في أبسط الحوارات أو الاستفسارات، يختصرون الأمر بعبارات مثل:"النظام لا يعمل"، "الموظف المسؤول في إجازة". أيعقل ألا يكون هناك من ينوب عنه؟! ذاك المراجع قد قطع مشوارًا طويلًا لا يعلم مشقته إلا الله، فلا تستصغروه، ولا تردّوه خائبًا. كونوا عونًا لبعضكم البعض، لا تستحقروا أحدًا، ولا تفضّلوا أحدًا على أحد.

اعملوا بإخلاص، ولا تعملوا كدعامةٍ للمجاملات. فأنتم محاسبون، وهناك من يراقبكم.


عزيزي القارئ، كُن لطيفًا في حوارك، وفي تعاملك. فكّر في نتائج كل قرار قبل أن تتخذه.

وتذكّر: غلطة الذخيرة هي الأخيرة. 

Abrar Al-Rahbi
الكاتب :