مرَّاكِش
دَربٌ يَطُولُ وشَاعِرٌ إيجَازِيْ
قَطعَ المَدَى سَفَرًا بِغيرِ جَوَازِ
يَمشِيْ وفِي دَمِهِ ثَلاثُ عَرائسٍ
«شُوشَا» الأَنِيقَةُ دُرَّةُ القُوقَازِ
«ومَرَاكِشُ الحَمرَاءُ» زُبدَةُ قَلبِهِ
وألذُّ ثَغرٍ بَاسِمٍ «بنغَازِي»
كالحُورِيَاتِ عَلَى الأرَائكِ والهَوَى
يُغرِيْ عُرَى «التَّارِيْخِ» بِالألغَازِ
عَجبًا..! لمَنْ مِنهُنَّ أدفعُ هِائمًا
قَلبِي، ولَستُ بعَاشِقٍ مُنحَازِ؟
عَجبًا..! كَأنَّ اللهَ شكَّلَهُنَّ مِنْ
أَقمَارِهِ الحُسنَى بِغيرِ نَشَازِ
وبِهَا امتَزجْنَ فَكُنَّ أجمَلَ لوحَةٍ
جَمعَتْ «ثَلاثَتَهُنَّ» فِي بِروَازِ
طَوَّفْتُ فِيْ «أسْوَاقِهِنَّ» أقُولُ لِيْ:
دَع يَا فُلانَ الخُبْزَ للخبَّازِ
مَرَّاكِشُ الحَسْنَاءُ ليسَ كَعرشِهَا
عَرشٌ ، وإنْ وقَفَتْ عَلَى عُكَّازِ
«سُورُ المَدِينَةِ» كَانَ أوَّلَ سَادِنٍ
«لحَقِيقةٍ» صَلَّتْ ورَاءَ «مَجَازِ»
«وجِبَالُ أَطلَسَ» كَالصَّوارمِ حَولَها
كَنزٌ حَبَاهُ اللهُ بالأَحرَازِ
بُنِيَتْ «وأندُلُسُ السَّماءِ» جَدِيرَةٌ
بالأرضِ ، فاتَّخذَتْ أجَلَّ طِرَازِ
لتُطِلَّ مِنْ «فنِّ العِمارَةِ» تُحفَةً
مِنْ بينِ كُلِّ مَدَائنِ الإعجَازِ
لَمْ تَخْتلِجْ عَبْرَ العُصُورِ «مَسَاجِدًا
وكَنائسًا» بِحَذاقِةِ الْخَرَّازِ
لكنَّها اختَزنَتْ «سَنابِلَ عُمرِهَا»
فَاخْتَالَ مَاءُ الوَردِ بالإنجَازِ
كَانَتْ ، فقَصَّ اللهُ أحسَنَ قِصِّةٍ
عنهَا ، وبَشَّرنَا بِخَيرِ مَفَازِ
هِي جَنَّةٌ عُليَا دَنَتْ بكُرُومِهَا
ومَشَتْ تمِيسُ بِذَيْلهَا الشِّيرَازِي
ولأنَّهَا «مَهدُ النُّبُوغِ» وقِبلَةُ
الإبدَاعِ والإجْلَالِ والإعزَازِ
رَمَشَتْ عَلَى «العَهدِ الجَديدِ» بطَرفِهَا
فأَضَافَتِ الألْوَانَ للتِّلفَازِ
ويُقَالُ أنَّ «الفَنَّ» سَافرَ للدُّنا
مِنْ «سَاحَةِ الفِنَّا» كَعازِفِ جَازِ
مَا زِلتُ بينَ «عَتِيقِهَا وحدِيثِهَا»
كالنَّخْلِ بَينَ نَوازِعٍ ونَوازِي
مِنْ «بابِ أَغمَاتَ» اختلَسْتُ مَشَاعِرِي
لتُصَاغَ «مِيْرِينِيَّةَ» الأَعجَازِ
فَزهَتْ « حَدَائقُ مَاجُورِلَّ » فَسَائلًا
وسَقتْ يَنابيعِيْ مِنْ الأكوَازِ
فِي حِيْنِ أنَّ « مَنْارَةً كَتْبِيَّةً »
ظلَّتْ تُراقُبنِي كَصقرِ البَازِ
فَرَأيْتُ فِي «ضِيْقِ الأزِقَّةِ» فُسْحَةً
لأصَابعِي وبَرَزْتُ مِنْ قُفَّازِي
أتلمَّسُ «الجُدرَانَ» أُوقِظُ «نَقْشَها»
الْـ ـغَافِي لأَحقَابٍ مِنْ الإيعَازِ
وكَأنَّنِي زَخْرَفْتُ «قَصرًا بَاهيًا»
وعَمدتُ مِنْ أركَانهِ إبرَازِي
مُتصَوِّفٌ قَلبِي، جُبِلْتُ «بِسبعةٍ»
كَانُوا «رجَالاتِ» الصَّدَى الأزَّازِ
فالشَّوقُ بَينَ «مُوحِّدٍ ومُرَابطٍ»
مَرَّاكِشُ انفَردِيْ بهِ وامَتَازِيْ
«صُبِّي الْأتَايَ» لكَأسِ أصدَقِ عاشِقٍ
قَطعَ المَدَى سَفَرًا بِغيرِ جَوَازِ
شعر: إبراهيم باشا