السيجار والنفس

data:post.title

السيجار والنفس

بقلم  : جميل راشد الهنداسي 


قالت السيجارة :رأيتها هناك تجلس بهدوء ، والسكينة واضحة عليها ، أقتربت منها لأحاول معرفة الأسباب التي جعلتها بهذا الهدوء وهذه الثقة، وراحة البال ، أقتربت أكثر وناديتها يا نفس يا نفس قالت : نعم نعم من أنتي وماذا تريدي ؟  قلت لها أراك تجلسين بهدوء وأرى السعادة على وجهك !  هل تخبريني ما الذي جعلك هكذا ؟

قالت:

 ولما تسألين ؟

قلت: من باب الفضول لأني لم أرى نفس مثلك .

قالت :نعم الحمد لله أنا سعيدة بحياتي مع أهلي ،فأني لله عابدة  ،وللقرآن قارئه، ولوالديّ بارة مطيعة والحمد لله على ما أنا عليه ولهذا أشعر بالطمأنينة والراحة .


 السجارة  : لكنك لا تعرفين شيئًا عن جوانب المتعة في الجانب الأخر من الحياة، ما رأيك في مرافقتي لتعشي المتعة . 

النفس: شكرًا لكِ أنا سعيدة جدًا بحياتي ،فما أنتِ سوى ذو رائحة بشعة ،أنت من يقال عنها الموت البطيء والمضيعة للمال .

قالت السيجارة :  لا ثم لا من قال لك هذا ؟  ومن رسم لك هذه الصورة عني !! أنا عكس ذلك تمامًا،أنا من سيمنحك الثقة والعلو ،والرفعة، أنا المتعة التي سترافقك في وقت ضيقك .


قالت النفس :ههه اتراني أنني آمنت بحديثك الساذج ومغرياتك الكاذبة ؟ أتمنى منك المغادرة والإبتعاد عني .


قالت السيجارة : حملت نفسي وغادرت وأنا أحمل بين طيات نفسي الحزن ،والأفكار تتضارب في رأسي كيف سأقنع تلك النفس المغرورة .


ابتعدت عن تلك النفس مسافة قصيره ثم رجعت وقلت :لها يا نفس .

قالت :لماذا عدتِ؟

قالت السيجارة : عندي لك سؤال إعتبريه السؤال الأخير وبعدها سأغادرك .

 قالت النفس :حسنًا.

قالت السيجارة :  قلت لي سابقًا أنك سعيدة جدًا وتعيشين في راحة وإطمئنان ،ولكن لماذا تجلسين وحيدة شاردة الذهن ؟ أصدقيني الجواب . 

قالت النفس: في الحقيقة أنا  معي مشكلة بسيطة إلى حد ما ،  في بيتنا حيث أنه هناك إختلاف بين معاملة أمي وأبي لي ؛ فأمي تقسى على كثيرًا ومن أبسط الأخطاء تنهرني لدرجة أنني أشعر أنها لا تحبني ؛ أما  أبي فهو طيب القلب لا يغضب سريعًا وهادي تمامًا فحتى عندما أخطئ يعاتبني ولكن بكل هدوء .

 قالت السيجارة :

إذًا أنا أقولك لك بصدق أيتها النفس استنشقيني مرة واحدة وسيتغير مزاجك .

قالت النفس: 

حقاً؟

لكنني أخشى الإعتياد عليك . 

قالت السيجاره:  

لا لا هي مرة واحدة فقط وأعدك أنها لن تؤثر عليك أبدًا ولن تعتادي عليها.

قالت النفس: حسنًا مرة واحدة فقط .

 فرحت السيجارة بشدة وهي تشاهد لحظة التدخين بها .

 قالت النفس: آااه إنه  شعور جميل هذا التدخين ٠


السيجارة : سأذهب الآن أيتها النفس وأعود لك بعد يومين ٠

السيجارة تقول: إتصلت بي تلك النفس تسألني أين أنتي ؟ أحتاجك لك ولرائحتك .

قالت السيجارة : 

سررت كثيرًا بهذا الكلام وذهبت لها مسرعة ،  لقد إنتصرت على هذه النفس أخيرًا !'وصلت لها مسرعة ،ولكن تفاجأت عندما رأيتها عابسة غاضبة .

سألتها ماذا بك أيتها النفس ؟! مالي أراكِ  عكس الإتصال ؟!

قالت النفس: أيتها السيجارة قلت لك ذلك حتى تسرعي في المجيئ  عندي حتى أستطيع التخلص منك بيدي، وأدفن ذكرى تلك اللحظة التي طاوعتك فيها .

السيجارة بحزن شديد: لماذا لماذا أنا كنت سعيدة جدًا؟! ، أعتقدت أنني هزمتك وتغلبت عليك.

قالت النفس: عندما غادرتي أحسست بالذنب دخل والدي الغرفة ، لاحظ التغير وشم رائحتك القذرة طرح سؤالًا أهذه ريحة سيجارة؟ 


لم أعرف ماذا أقول ، تعللت بأن عامل التصليح كان هنا صدق الوالد الكلام وذهب ،هنا شعرت بندم شديد أولًا لأنني كسرت ثقة أبي ،وثانيًا لأنني كذبت . والآن أيتها السيجارة إرحلي بلا عودة لا طاقة لي في معصية الله رب العالمين ،دعيني هكذا طاهر النفس والقلب ومخلص لله .


هل تعلموا ما الثغرة التي ساعدت السيجارة للوصول لتلك النفس ؟! إنها لحظات الضعف والشعور بالضيق لذا اقول لكم أيها الوالدان : كونوا بالقرب من أبنائكم ، دثروهم بالحب واللطف والأمان ،وارسموا دائما أمام أبنائكم الصورة المثالية في التعامل لا تختلفوا أمامهم .. كونوا قدوة حسنة .