أحاسيس ريانية

data:post.title

 




أحاسيس ريانية


بقلم : فاضل بن سالمين الهدابي


لقد كنا قد تفاعلنا مع حادثة الطفل المغربي (ريان) الذي ذهب إلى رحاب ربه عزوجل بريئا من كل شوائب الدنيا ، مشمولا برحمة الله الواسعة نسأل الله تعالى بأن يجمعنا به تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله!! ، واعتصمنا لأجله وكانت قلوبنا مع عودته سليما معافى إلى أحضان ابويه الذين كانا في مقدمة المنتظرين الصابرين المتلهفين إلى عودته إليهما ، فقد كانا يتطلعان إلى نتائج الحفر الأخيرة - النجدة الكبرى التي قامت بها هيئة الدفاع المدني الملكية المغربية وفرق انقاذها ، التي استمرت في محاولة إنقاذ الطفل الذي سقط في البئر المهجورة ولمدة خمسة أيام متتاليات وبدون أكسجين وبدون ماء وبدون غذاء.

 هذه الحادثة بكل تأكيد لن ينساها المواطن العربي سواء أكان في أقاصي الغرب أم في أقاصي الشرق من وطننا العربي الكبير! وفي العالم أجمع ، نعم انها حادثة هزت صميم الوجدان العربي إذ لم يكن لها سابقة في التاريخ العربي بشكل عام..

لقد كنا نصلي واكفنا مرفوعة إلى خالق الأرض والسماء بأن يلطف بريان وأن يشمله برحمته وعطفه وان يعوده سالما إلى ابويه ولكن كان قضائه سبحانه وتعالى بأن يرفعه إلى جواره في مستقر رحمته ورضوانه - ((اذا قضى امراً فإنما يقول له كن فيكون¤)). 

فحادثة ريان جمعت الشعب العربي ووحدته وهنا يمكن القول بأن العرب لو أرادوا الوحدة لفعلوها ولن يستطيع أي أحد أن يثنيهم عنها كائنا من كان،   ولذلك سأقول :- رغم فداحة حادثة ريان وقوة ألمها في الوجدان العربي على وجه الخصوص ، إلا أنها أضحت درس سامي في الرقي والسمو وامسى الشعب العربي من سلطنة عمان حتى المغرب ليس له ذكر سوى (الله يسلمك ويطمئن بسلامتك قلب ابوك وامك يا ريان) ، نعم هذه كانت إحدى صيحات الشارع العربي أثناء محاولة إنقاذه من غيابة تلك البئر المهجورة - في وحدة احساس منطقع النظير ولوعة حزن وشعور بأسى! غطت الأرجاء العربية كلها دون استثناء!! 

رحم الله ريان وجعله طير من طيور الجنة - وصبّر والديه بالصبر الجميل وانعم عليهما بالسلوان الطيب - آمين.. ولهذا وددت أن أتمنى ومن كل أعماقي كعربي مسلم موحد لله رب العالمين مؤمنا بكتابه القرآن وبنبيه محمد صلى الله عليه وسلم وبجميع الأنبياء والرسل الذين سبقوه،  أن تكون ضمائرنا حية كما كانت طيلة تلك الأيام الريانية الخمسة نعم وأن تتوحد مرات ومرات لرفض كل العنف الذي يحدث لإخوتنا وأشقائنا بنو جلدتنا في اليمن والعراق وسوريا وفلسطين من قبل قوى الشر والإرهاب!! فأمر ريان هو أمر الله تعالى قد قضاه وقدره ولكن ماذا عن القتل والدمار في اليمن وماذا عن القتل والدمار في العراق وماذا عن القتل والدمار في سوريا ، لا أجد من يتحدث عن هذه البلدان العزيزة علينا جميعا ياعرب ويامسلمين أين أنتم من ذلك كله؟! لماذا لا نصلي لله ونبتهل إليه من أجل أن ينهي كل هذا الشر المستطير ، الذي يحصد أرواح عرب هذه البلدان حصدا بدون وازع من دين أو مخافة من عقاب الله او تأنيب من ضمير حي او رفض من نفس رضية طيبة! أبدا. 

والسؤال الآن هو :- هل دماء المسلمين وارواحهم رخيصة إلى هذا الحد؟! والإجابة هي كلا! لا والله إنها غالية نفيسة ، ولهذا يتعين على مشاعرنا وأحاسيسنا أن تتحد مع بعضها البعض كما اتحدت أيام الطفل ريان رحمه الله تعالى من نصرة المظلومين في بقاع أرض الله الواسعة ورفع المعاناة عنهم .