كل ثلاثاء ( لماذا أحببتك ؟)!
الكاتب: أحمد بن علي القطيطي
أحببتك لأنك أنتِ الحب الذي لا يُكتب، بل يُسكب من الروح كسيل لا يعرف التوقف، وأخلص لك لأن الإخلاص ليس فعلًا نقوم به بل هو انعكاس لما نكونه في العمق ولأنني حين أحببتك لم يكن ذلك هروبًا من الوحدة بل انجذابًا نحو النور الذي يسكن عينيك فإنني أخلص لك لا كواجب بل كحقيقة مغروسة في وجداني. الحب ليس وعدًا على ورقة ولا صورة في ذاكرة هاتف، بل هو ارتجافة القلب حين يسمع صوت من يحب، والإخلاص هو أن تظل تلك الارتجافة نابضة حتى في غيابه أن تبقى أمينًا لما شعرت به لا لما تراه في الواقع فقط الحب حين يولد لا يسأل عن الزمان ولا يبحث عن المكان، إنه كالنبتة التي تنمو حتى في شقوق الحجارة والإخلاص هو أن تحمي تلك النبتة من رياح الشك وحرائق الخذلان؛ وأنا حين أحببتك لم أختر ذلك بل جاء الحب كأنما القدر مد لي يدًا وسحبني نحوك. وأخلصت لأن قلبي حين وجد طريقه لم يرضَ بأي وجه غير وجهك الحب لا يحتاج كثيرًا من التفسير إنه بسيط كابتسامة طفل وعميق كحزن شاعر والإخلاص لا يُقاس بسنوات البقاء بل بلحظة تقف فيها أمام العاصفة ولا تهرب لأن قلبك يعرف أن ما بينكما لا يُشترى ولا يُستبدل الحب هو أن ترى العيوب وتبتسم لها لأنك لا تبحث عن كمال مزيف بل عن صدق حقيقي والإخلاص أن تبقى حتى حين لا يبقى أحد لأنك تؤمن أن من أحببته يستحق فرصة أخرى وأن الحب ليس معركة تُربح بل روح تُرعى وتُحتَضن هناك من يحبون لأنهم خائفون من البقاء وحيدين وهناك من يحبون لأنهم وجدوا في الآخر معنىً لذواتهم؛ وأنا كنت من الذين أدركوا أن الحب لا يكتمل إلا بالإخلاص لا بالكلمات ولا بالهدايا بل بالوجود الصامت المطمئن الذي لا يخذل حين تغيب الأضواء الحب لا يُقال بل يُعاش والإخلاص لا يُطلب بل يُمنح طوعًا دون أن تنتظِر شيئًا في المقابل.
حين تضع رأسك على كتف من تحب وتشعر أن الكون كله سكن فاعلم أن الإخلاص هو ما جعل ذلك الكتف وطنًا لا مهربًا. الحب هو أن تضيء شمعة في ظلام أحدهم دون أن تطلب منه أن يراك والإخلاص هو أن تبقى تلك الشمعة مشتعلة حتى وإن غابت العيون الحب لا يوجع إلا حين يُخان؛ والإخلاص هو أن تتجنب الخيانة ليس خوفًا بل احترامًا لما بينكما لأنك تعرف أن من أحببته أودع قلبه في قلبك والثقة هي أغلى ما يُهدى فإن خنته فإنك تخون نفسك قبل أن تخونه حين تسير في الطرقات وتسمع أغنية تشبهه وتبتسم فأنت تحب وحين لا تفكر لحظة واحدة في أن تجرح من تحب فأنت مخلص الحب لا يعني أن نتفق في كل شيء بل أن نختلف دون أن نكسر بعضنا، والإخلاص هو أن تظل تمسك بيده حتى حين لا تفهمه لأنك تعرف أن القلب لا يُترَك عند أول سوء فهم، الحب هو أن تجد نفسك في عيني الآخر دون أن تفقد هويتك، والإخلاص هو أن تحمي تلك الهوية وتسمح له أن يحميها معك حين نفهم أن الحب ليس امتلاكًا بل مشاركة وأن الإخلاص ليس عبودية بل حرية نمنحها لأنفسنا فيمن نختار فإننا نكون قد لمسنا جوهر العلاقة التي لا تُهزم بالزمن.
الحب ليس ضعفًا كما يظنه البعض بل هو شجاعة من نوع نادر شجاعة أن تفتح قلبك بالكامل وتقول هذا أنا وهنا ضعفي وهنا حلمي والإخلاص هو أن تحمي هذا الانكشاف بكل قوتك لأنك تعرف أن الحب لا يُعطى لمن لا يستطيع أن يصونه نحن نحب لأننا نحتاج لأن نكون مفهومين ومقبولين، والإخلاص هو اللغة التي نقول بها أنا هنا وسأبقى، نحن في زمن أصبحت فيه القلوب سريعة التقلب ولكن من يتمسك بالحب رغم كل الجراح هو من يعرف أن الإخلاص لا يولد من راحة بل من نار تُصقل بها النفوس في الحب نزرع وفي الإخلاص نحصد، ومن لم يعرف الإخلاص لن يعرف الحب حتى وإن كتب ألف قصيدة وغنى ألف أغنية لأن الحب ليس كلمات تُردد بل نبضات تُترجم إلى أفعال ومواقف الإخلاص هو أن تبقى حين لا يراك أحد وتحب حين لا يُقال لك أحبك وتمنح حين لا تُطالَب بالعطاء لأنك ببساطة قررت أن تكون أنت النسخة الأصدق من نفسك حين تحب وتُخلص فإنك تخلق عالمًا موازيًا فيه لا خيانة ولا تردد فيه المسافة لا تعني شيئًا والصمت لا يعني برودًا بل طمأنينة الحب. والإخلاص جناحان لا يحلق أحدهما دون الآخر ومن يفهم هذا لا يعود يبحث عن حب مثالي بل عن قلب صادق ففي النهاية نحن لا نحتاج إلى من يملأ أيامنا ضجيجًا بل من يجعل صمتنا أكثر دفئًا ومع كل هذا يا من سكنت أعماقي لم أكتب لأذكرك بل لأقول لنفسي إن الحب لا يموت ما دام في القلب إخلاص يقف كالطود العظيم يمنع الذكريات من التحول إلى رماد؛ وأنا اليوم أكتب لأنك كنت وما زلت حبًا لم تهزمه الأيام ولم تغيّره الملامح لأنني حين أحببتك لم أفعل ذلك بكامل وعيي بل بكامل حقي في أن أجد لنفسي مأوىً يشبهني ويصدقني ويصونني ويكتمل بي ويكتمل له وسأظل في صمت الليالي أتهجى اسمك كأنني أرتل صلاة لا تنتهي.
فأنتِ لقلبي دعاء مستجاب، ولقصتي أنتِ البداية والنهاية يا حبيبتي
أرجو أن أكون حبيبك للأبد.